الصفحة الرئيسية محليات |
مايا يوسف
تميزت سورية منذ القديم بصناعة النسيج، وازدهرت فيها بشكل خاص صناعة الحرير، فعندما نذكر كلمة "بروكار" أو "دامسكو" مثلاً، أول من يدخل إلى الذاكرة، سورية أو دمشق، وهذا يؤكد ارتباط هذه الصناعات اليدوية الدقيقة بتراث هذا البلد.
تقول الروايات التاريخية إن أصل البروكار الدمشقي يعود إلى ثلاثة آلاف سنة، حيث كانت خيوطه الحريرية تستورد من الصين، ولاسيما أن دمشق كانت محطة مهمة على طريق الحرير القديم. وفي القرن الماضي وما قبله استخدم الحرفيون السوريون الحرير الذي تنتجه بلدة الدريكيش السورية التي اشتهرت بتربية دودة القز، وتغذيتها بأوراق شجر التوت، ومن ثم كان الحرير المنتج يرسل إلى حلب لمعالجته وبرمه وفتله وتبييضه ثم صبغه حسب الطلب ليكون جاهزاً للنسج في دمشق.
ويقال بأن أحد فرسان الصليبيين ويدعى سانت أوبون SAINT AUBON قد أخذ من سورية شتلة توت في العام 1147 ونقلها إلى فرنسا وزرعها هناك وكانت أول شجرة توت تزرع في فرنسا.
لقيت صناعة الحرير في سورية أوجها، ما بين السنوات 1920 و1926 حيث كان يتم تصريف خيط الحرير السوري الجيد على شكل شرانق إلى مدينة ليون الفرنسية التي كانت تشتهر بصناعة الحرير.
إلا أن الحرير أصيب بعدة نكسات منذ زمن، حيث تراجعت هذه الصناعة القيّمة والمرتبطة بثقافة وتراث البلد، والأسباب عديدة منها هجر أشجار التوت المعروفة بأن أوراقها تشكل الغذاء الأساسي لدود القز الذي ينتج الحرير، فإما قطعها لزراعة أشجار تدر أرباحاً أكثر أو لاستخدامها كحطب، كما أن المدن السورية أصبحت تنتج أنواعاً من الأقمشة الحريرية البسيطة ورخيصة الثمن نسبياً لتوسيع سوقها الداخلي.
إلى أن وصلنا لإغلاق آخر معملين في منطقة مصياف قرب "دير ماما" التي تعتبر حالياً معقل إنتاج الحرير لاستمرار عدد قليل من العوائل في التربية وإنتاج قليل من الحرير.
بينت الخبيرة في تربية دود القز ورئيسة الجمعية الوطنية لإنماء السياحة في سورية، أشواق حميشة، أنها تسعى لإعادة إحياء تربية دود القز ولكن هناك صعوبات عديدة،منها الأزمة السورية التي أوقفت إنتاج الحرير نهائياً في وزارة الزراعة، وتوقف معها استيراد البيوض، على الرغم من وجود الخبرات والكوادر القادرة على الإنتاج محلياً، وبينت أنه من العناصر الهامة لإعادة سورية الى المشهد العالمي في إنتاج الحرير هو إعادة إنتاج الشرانق وإيجاد تصريف للإنتاج منها بأسعار مماثلة للأسواق المجاورة ليتشجع المزارع لزراعة أشجار التوت وعدم استبدالها، وأكدت أن الأمر يحتاج إلى عمل دولة وليس أفراد.
أما عن تجربة استيراد بذار القز من الهند فبينت حميشة أنها كانت فاشلة حيث نقلت أمراضاً عديدة تسببت بإتلاف الحرير.
ويصف هذه التجربة معظم من يعمل بصناعة الحرير الطبيعي، بأن الحرير (روح) لأنه نتاج دودة خلقت في هذا العالم ويجب التعامل معه بحنان ورقّة.
عدد المشاهدات: 72 |
963116128915
info@seebar.news